سورة الأنفال - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


{يسألونك عن الأنفال} الغنائم، لمَنْ هي؟ نزلت حين اختلفوا في غنائم بدر، فقال الشُّبان: هي لنا؛ لأنَّا باشرنا الحرب، وقالت الأشياخ: كنَّا ردءاً لكم؛ لأنَّا وقفنا في المصافِّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو انهزمتهم لانحزتم إلينا، فلا تذهبوا بالغنائم دوننا، فأنزل الله تعالى: {قل الأنفال لله والرسول} يضعها حيث يشاء من غير مشاركة فيها، فقسمها بينهم على السَّواء {فاتقوا الله} بطاعته واجتناب معاصية {وأصلحوا ذات بينكم} حقيقة وصلكم، أَيْ: لا تَخَالفوا {وأطيعوا الله ورسوله} سلِّموا لهما في الأنفال؛ فإنَّهما يحكمان فيها ما أرادا {إن كنتم مؤمنين} ثمَّ وصف المؤمنين فقال: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} أَيْ: المؤمن الذي إذا خُوِّف بالله فرق قلبه، وانقاد لأمره {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً} تصديقاً ويقيناً {وعلى ربهم يتوكلون} بالله يثقون لا يرجون غيره.


{أولئك هم المؤمنون حقاً} صدقاً من غير شكٍّ، لا كإيمان المنافقين {لهم درجات عند ربهم} يعني: درجات الجنَّة {ومغفرة ورزق كريم} وهو رزق الجنَّة.
{كما أخرجك} أيْ: امض لأمر الله في الغنائم وإن كره بعضهم ذلك؛ لأنَّ الشُّبان أرادوا أن يستبدُّوا به، فقال الله تعالى: أعط مَنْ شئت وإن كرهوا، كما مضيت لأمر الله في الخروج وهم له كارهون. ومعنى {كما أخرجك ربُّك من بيتك} أمرك بالخروج من المدينة لعير قريش {بالحقِّ} بالوحي الذي أتاك به جبريل {وإنَّ فريقاً من المؤمنين لكارهون} الخروج معك كراهة الطَّبع لاحتمال المشقَّة؛ لأنَّهم علموا أنَّهم لا يظفرون بالعير دون القتال.
{يجادلونك في الحق بعد ما تبيَّن} في القتال بعد ما أُمرت به، وذلك أنَّهم خرجوا للعير، ولم يأخذوا أُهبة الحرب، فلمَّا أُمروا بحرب النَّفير شقَّ عليهم ذلك، فطلبوا الرُّخصة في ترك ذلك، فهو جدالهم {كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون} أَيْ: لشدَّة كراهيتهم للقاء القوم كأنَّهم يُساقون إلى الموت عياناً.


{وإذْ يعدكم الله إحدى الطائفتين} العير أو النَّفير {أنَّها لكم وتودون أنَّ غير ذات الشوكة تكون لكم} أَيْ: العير التي لا سلاح فيها تكون لكم {ويريد الله أن يحق الحق} يُظهره ويُعليَه {بكلماته} بِعِدَاتِه التي سبقت بظهور الإِسلام {ويقطع دابر الكافرين} آخر مَنْ بقي منهم. يعني: إنَّه إنَّما أمركم بحرب قريشٍ لهذا.
{ليحقَّ الحق} أَيْ: ويقطع دابر الكافرين ليُظهر الحقَّ ويُعليَه {ويبطل الباطل} ويُهلك الكفر ويُفنيه {ولو كره المجرمون} ذلك.
{إذ تستغيثون ربكم} تطلبون منه المعونة بالنَّصر على العدوِّ لقلَّتكم {فاستجاب لكم أني ممدُّكم بألفٍ من الملائكة مردفين} متتابعين، جاؤوا بعد المسلمين، ومَنْ فتح الدَّال أراد: بألفٍ أردف الله المسلمين بهم.
{وما جعله الله} أَيْ: الإِرداف {إلاَّ بشرى} الآية ماضية في سورة آل عمران.
{إذ يغشيكم النعاس أمنة منه} وذلك أنَّ الله تعالى أمَّنهم أمناً غشيهم النُّعاس معه، وهذا كما كان يوم أُحدٍ، وقد ذكرنا ذلك في سورة آل عمران. {وينُزِّل عليكم من السماء ماء ليطهركم به} وذلك أنَّهم لمَّا بايتوا المشركين ببدرٍ أصابت جماعة منهم جنابات، وكان المشركون قد سبقوهم إلى الماء، فوسوس إليهم الشَّيطان، وقال لهم: كيف ترجون الظَّفر وقد غلبوكم على الماء؟ وأنتم تُصلُّون مُجنِبين ومُحدِثين، وتزعمون أنَّكم أولياء الله وفيكم نبيُّه؟ فأنزل الله تعالى مطراً سال منه الوادي حتى اغتسلوا، وزالت الوسوسة، فذلك قوله: {ليطهركم به} أَيْ: من الأحداث والجنابات {ويذهب عنكم رجز الشيطان} وسوسته التي تكسب عذاب الله {وليربط} به {على قلوبكم} باليقين والنَّصر {ويثبت به الأقدام} وذلك أنَّهم كانوا قد نزلوا على كثيبٍ تغوص فيه أرجلهم، فلبَّده المطر حتى ثبتت عليه الأقدام.
{إذ يوحي ربك إلى الملائكة} الذين أمدَّ بهم المسلمين {إني معكم} بالعون والنُّصرة {فثبتوا الذين آمنوا} بالتَّبشير بالنَّصر، وكان المَلَك يسير أمام الصَّف على صورة رجلٍ ويقول: أبشروا؛ فإنَّ الله ناصركم {سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب} الخوف من أوليائي {فاضربوا فوق الأعناق} أَيْ: الرُّؤوس {واضربوا منهم كلَّ بنان} أَيْ: الأطراف من اليدين والرِّجلين.
{ذلك} الضَّرب {بأنهم شاقوا الله ورسوله} باينوهما وخالفوهما.
{ذلكم} القتل والضَّرب ببدرٍ {فذوقوه وأنَّ للكافرين عذاب النار} بعدما نزل بهم من ضرب الأعناق.
{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً} مُجتمعين مُتدانين إليكم للقتال {فلا تولوهم الأدبار} لا تجعلوا ظهوركم ممَّا يليهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6